موضوع: أركان القرار الاداري (الجزء التاني) الأربعاء 26 أغسطس - 19:26
ثانياً: الأشكال غير الجوهرية:
إذا كانت القواعد الإجرائية أو الشكلية مقررة لصالح الإدارة فلا تعد من الأشكال أو الإجراءات الجوهرية ، ولا يترتب على إغفالها بطلان القرار الإداري..
ومثال ذلك: إذا طلب موظف النقل من مكان لآخر ووافقت عليه الإدارة وأصدرت قرار النقل دون العرض على لجنة شئون الموظفين ، فلا يجوز لصاحب الشأن أن يطعن بالبطلان في القرار بحجة عدم مراعاة جانب الشكل في القرار..
وبصفة عامة ، يعتبر الشكل جوهرياً إذا كان يترتب على إغفاله المساس بالضمانات التي تحمي حقوق الأفراد ، أو إذا كانت ادارة لو اتبعته بصدد القرار لصدر القرار على نحو آخر..
وتعتبر هذه المسألة تقديرية تفصل فيها المحكمة وفق ظروف كل دعوى على حدة..
ـ حكم عدم اتباع الإدارة للشكل أو الإجراء الذي نص عليه القانون إذا كان ذلك راجعاً لسبب أجنبي لا يد للإدارة فيه:
ولتوضيح ذلك يجب أن نفرق بين حالات ثلاث:
الحالة الأولى: إذا استحال أو تعذر إتمام الشكلية بسبب قوة قاهرة حالت دون ذلك:
هنا لا يجوز الاعتداد بذلك لكي نصل إلى بطلان القرار الإداري ، أي بمعنى آخر يكون القرار سليماً رغم عدم اتمام الشكلية..
الحالة الثانية: إذا كانت استحالة إتمام الشكل ترجع إلى صاحب الشأن:
إذا كان ان عدم استيفاء ركن الشكل يرجع إلى صاحب الشأن ، فلا يترتب على ذلك بطلان القرار الإداري..
ومثال ذلك: إذا كان القانون يستلزم ضرورة إطلاع الموظف المحال إلى المحكمة التأديبية على الملف الخاص به كضمان من الضمانات المقررة في مجال التأديب . وقامت الإدارة بإخطار الموظف غير أنه لم يمتثل ورفض الاطلاع على الملف ، فإذا قامت الإدارة وأصدرت قرارها فإنه "يكون سليما" . وبالمثل ، لو امتنع الموظف عن الإدلاء بأقواله أو الحضور للتحقيق ، فلا يجوز له ان يستند إلى ذلك لكي يصل إلى بطلان القرار الإداري..
الحالة الثالثة: إذا كانت استحالة إتمام الشكل ترجع إلى الغير:
استحالة إتمام ركن الشكل في القرار الإداري قد ترجع إلى سبب لا يتصل بالإدارة ، ولا بصاحب الشأن ، ولا بقوة قاهرة . وإنما بسبب متصل بالغير..
ومثال ذلك: أن تقوم السلطة المختصة بعرض موضوع على لجنة شئون الموظفين يدخل هذا الموضوع في اختصاصها . غير ان أعضاء هذه اللجنة لم يحضروا الاجتماع أو حضروا ورفضوا مناقشة ما عرض عليهم ، أو رفضوا التصويت عليه . في مثل هذه الحالة يكون (قياساً) على الاستحالة المادية أن يتم التجاوز عن الشكلية حتى لا تتعطل مسيرة الحياة الإدارية بسبب لا دخل للسلطة المختصة فيه . لذلك فإن القرار الصادر في هذه الحالة يكون يعتبر سليماً طالما قامت الإدارة بما ألزمها به القانون من عرض الموضوع على الجهة أو الهيئة المختصة..
ـ تغطية الإدارة لعيب الشكل:
السؤال المطروح الآن: هل يجوز للإدارة أن تستكمل ركن الشكل بعد ان أصدرت القرار الإداري؟..
للإجابة عن ذلك ، يجب التفرقة بين حالتين:
الحالة الأولى: إذا كان العيب الشكلي يرجع إلى إغفال الإدارة لإجراء نص عليه القانون:
في هذه الحالة لا يجوز للإدارة بعد إصدار القرار أن تبادر إلى استكمال ركن الشكل الذي نص عليه القانون ، (لأن ذلك يعتبر بمثابة تصحيح للقرار بأثر رجعي ، وهذا غير جائز)..
الحالة الثانية: إذا كان العيب الشكلي مجرد إغفال بعض البيانات التي لا تؤثر في مضمون القرار ، ولا يترتب على إغفالها المساس بضمانة من الضمانات المقررة للأفراد (أي مجرد خطأ مادي) :
في هذه الحالة يجوز للإدارة أن تقوم بتغطية ركن الشكل بعد إصدار القرار . مثال ذلك: عدم التوقيع على محضر إحدى الجلسات التي بناءً عليها صدر القرار الإداري أو عدم الإشارة في مقدمة القرار إلى نصوص بعض القوانين..
ـ مدى أثر قبول صاحب الشأن القرار المعيب بعيب الشكل على تصحيح القرار الإداري:
نظراً لأن الشكل أو الإجراء الذي ينص عليه القانون مقرر لحماية المصلحة العامة ، فإن قبول صاحب الشأن لعيب الشكل غير جائز ولا يترتب عليه أي أثر..
بمعنى آخر ، أن قبول المعني بالأمر للقرار المعيب بعيب الشكل ، لا يترتب عليه تصحيح هذا القرار وزوال البطلان الذي لحق به.