تاريخ النظم
السداسي الأول نشأة وأهمية تاريخ النظم :
تعريف القانون :
هو مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم سلوك الفرد داخل الجماعة ويترتب عن مخالفتها الجزاء .
فالإنسان
مدني بطبيعته لا يستطيع أن يحصل على حاجياته إلا بالتعاون مع غيره ، فكان
لا بد من وجود قوانين لتنظيم العلاقات .لذلك نشأت القوانين وتطورت بتطور
المجتمعات فالقوانين الحالية هي تطور للقوانين القديمة . ولابد من الرجوع
للقوانين القديمة لمعرفة القوانين الجديدة . والمشرع يحتاج لدراسة النظم
لفهم نشأة القوانين لأن القانون يتكون من أجزاء ثابتة وأخرى متغيرة بتغير
العصور والمجتمعات .
فالدراسة
التاريخية بالنسبة للمشرع كالمخبر بالنسبة لعالم الطبيعة . والدراسات
القانونية تتكون من ثلاث أنواع : القوانين الحاضرة والمعاصرة القانون
الوضعي والقوانين الماضية تاريخ النظم القانونية ، وما ينبغي أن يكون عليه
القانون في المستقبل " نظرية التشريع ".
مراحل نشأة وتطور القانون :
يرى بعض الباحثين أن نشأة القانون وتطوره مر بأربعة مراحل هي :
المرحلة
الأولى : مرحلة القوة والانتقام الفردي عاش الانسان الأول في جماعات صغيرة
متضامنة ومنفصلة عن غيرها من الجماعات الأخرى وحتى تدافع عن نفسها كانت
القوة هي التي تنشئ الحق وتحميه ووتقوم العلاقة بين هذه الجماعات على
التبعية والخضوع لرئيس القبيلة ذو السلطة المطلقة كان الفرد المعتدي يوقع
عليه العقاب أو اسرته ثم أصبح توافقيا أي باتفاق الجماعة .
ومن
صور العقاب طرد الجاني من الجماعة أو القصاص أو تسليمه لأهل المجني عليه ،
وبتطور المجتمعات لجأ رؤساء الجماعات إلى الكهان ورجال الدين لحل
المنازعات فازدادت قوتهم حكما وإلزاما وبذلك حلت العقوبة بالتحكيم محل
الانتقام الفردي .
المرحلة
الثانية : مرحلة التقاليد الدينية : عبد الإنسان آلهات مختلفة كالظواهر
الطبيعية وكان يخشى غضبها وكان الكاهن يتولى القيام بالشعائر الدينية
وبالتالي أصبحت معظم الأحكام تنسب للآلهة مما أكسبها قوة الإلزام.
المرحلة
الثالثة : مرحلة التقاليد العرفية : بقيت التقاليد الدينية سائدة زمنا
طويلا وبفضل تطور المجتمعات حل محلها الأعراف والتقاليد وبذلك نشأ الحكم
الديمقراطي حكم الأغلبية فأصبحت الأحكام تصدر بإسم الشعب.
المرحلة الرابعة : مرحلة تدوين القانون : بعد اكتشاف الكتابة دونت المجتمعات قوانينها فانتشرت وتطورت بسرعة .
النظم القانونية في بلاد الرافدين :
تعد التقنينات التي وجدت بالمدن العراقية أقدم ما وصل إلينا من القوانين المدونة ومن أهمها :
1- تقنين أرنامو : وهو ملك من ملوك العراق 2111 ق م وهو أقدم تقنين
عرفه الإنسان ويشمل على مقدمة وواحد وثلاثين 31 مادة حيث تناولت المقدمة
الإصلاحات الداخلية وأعمال الملك أما المواد فعالجت مواضيع قانونية مثل
الخطبة والزواج والطلاق وبعض الجرائم ...ويلاحظ أن هذا التقنين ينص على أن
عقوبة الاعتداء على الاجسام هي دائما دية عكس قانون حمورابي الذي أخذ
بمبدأ القصاص وهو مسجل بلوحة غير كاملة في متحف بأسطمبول .
2- تقنين البت عشتر : أصدره الملك البت عشتر 1924 ق م ويشمل على مقدمة
و39 مادة .أما المقدمة مجدت الآلهة وأن التشريع هدفه الخير والرفاهية
وإنصاف أهل البلاد من الظلم الذي وقع في السابق . والمواد مضمونها متعدد
منها إيجار الأراضي نظام الملكية المواريث الزواج إيجار الحيوانات وهو
مدون بمتحف في الولايات المتحدة الأمريكية .
3- تقنين أشنونا : أصدره ملك طدينة أشتنونا وهي إحدى مدن العراق
القديمة تاريخه غير معروف ويعتقد أنه سبق قانون حمو رابي بنصف قرن أي
حوالي 1750 ق م وهو يحتوي على مقدمة ناقصة لا تحتوي على تمجيد الآلهة ولا
الأعمال الداخلية أو الخارجية والمواد عالجت الكثير من المواضيع أهمها
الزراعة القروض الودائع الجرائم وهي أقدم وثيقة تاريخية قسمت المجتمع إلى
ثلاث طبقات الأحرار المساكين والعبيد.
4- قانون حمو رابي : وهو أشهر ملوك بابل وتظهر أهميته في كثرة النصوص
القانونية ومن أهم التقنينات القديمة التي وصلتنا كاملة .وهو يعكس
التقنينات السابقة إضافة إلى تأثر شعوب المنطقة به لمئات السنين واستطاع
حمو رابي من توحيد البلاد بعدما كانت مجزأة .وأصدر هذا القانون بعد 30 سنة
من حكمه 1694 ق م . وسجل على حجر كبير ارتفاعه 2متر وربع ونحت بأعلاه
إلاله "شماس " وحمو رابي واقفا أمامه بخشوع يتلقى تعاليمه . وهذه اللوحة
محفوظة في اللومر بباريس . وقد احتوى على مقدمة و282 مادة وخاتمة ،
والمقدمة تشبه المقدمات السابقة وذكر فيها أنه أصدر القانون وفقا لإرادة
الإله مردوك إله مدينة بابل كما أحصى أعماله بالمدن الأخرى وبين أهدافه
منها وهو نشر العدل وإحقاق الحق والقضاء على الفساد في كل البلاد ، أما
الخاتمة فذكر فيها حمو رابي صفاته وفضائله وتعدد أعماله وسينزل اللعنة على
من يخرج عن أحكام شريعته أو يحاول تخريبها .أما المواد فقد قسمه بعض
الباحثين إلى 13 قسم هي :
يتبع............